بعد أن تحدثت في التدوينة السابقة عن التخلص من الممتلكات كجزء من مبدأ البساطة ، والوصول إلى أكبر قدر من الحرية في حياتك الشخصية ، في هذه التدوينة سأتحدث عن عامل ثاني يعتبر من أكبر معيقات الحرية ، ألا وهو التعلق
التعلق هو عبارة عن سجن بدون قضبان ، التعلق هو الارتباط العاطفي بالأشياء والأماكن والأشخاص ، هو حينما تشعر بالغضب ، بالحب ، أو الغيرة ، من هدف ، أشخاص ، أحلام ، أفكار ..
التعلق بالأفضل ، متى ما صدر هاتف جديد ، أو حذاء رياضي جديد ، أو سيارة أو نسخة جديدة من أي شيء ، هناك من يحاول دائما وينتظر أن يمتلك أفضل الهواتف ، أجمل النساء ، أفخم المنازل وأسرع السيارات وأكبر المشروعات ، الحياة قصيرة من أجل أن تعيشها لاهثا وراء الأفضل ، يمكنك العيش بشكل جيد بما لديك ، إذا توقف الآن ولا تكن عبداً للماديات.
التعلق بالأشياء كمن يتعلق بلباس قديم ، هو لباس قديم لا يصلح لشيء ، بالِ ، لكنك لا يمكنك أن تتخلص منه وتحبه وتقبله ، وخصوصاً إذا كان لباساً لشخص متوفي من عائلتك أو لباس تم اهدائه إليك ، أعلم أنه من الجميل أن تحتفظ بتلك الهدايا أو بعض الآثار القيمة ، لكن لا تتعلق بها ، يمكنك العيش بدونها ، إجعل تلك الذكريات في مخيلتك.
التعلق بالأشخاص ، وهذا النوع هو الأكثر شيوعا ، حيث نتعلق بأشخاص نكون معجبين بهم ، أو نعرفهم منذ زمن بعيد ، لكننا دائما نفكر فيهم ، هؤلاء يأخذون مساحة كبيرة في مخيلتنا ، في مشاعرنا.
التعلق بالمشاريع الغير منتهية ، إذا كنت من رواد الأعمال ، كنت قد بدأت مشروعاً ، لكنك لا تعمل عليه ، ولا تعطيه الوقت الكافي ، ولا تهتم به الاهتمام الذي يستحقه ، نعم أنت تريد أن تعمل عليه ، لكن ليس بتلك الأهمية ، أو قد تركته لأنك واجهت صعوبات وتوجهت إلى مجال آخر ، في هذه الحالة ، كل ما عليك ، هو التوقف في العمل على هذا المشروع أو توكيله إلى شخص يستحقه ، أو التبرع به مجانا للجميع ، فقط توقف عن ايهام نفسك أنك سترجع إليه يوماً ما وستكمله ، لأنك كاذب .
التعلق بالالكترونيات ، في عصرنا ، عصر التكنولوجيا ، أصبحنا نتعلق بهواتفنا ، نحبها ، ونهتم بها ، ننام ونستيقظ ، نأكل ، نلتقط صوراً بها ، تشغل وقتا كبيراً من أعمارنا ، إنها وباء ، لقد أصبحت وأسست لنا أمراضا جديدة مرافقة لها ، والحل لهذا هو تجربة التخلص منها ، شيئا فشيئا ، إذا كنت متعلقا بهاتفك أو حسابك على الفيسبوك و التويتر لدرجة أنك لا تستطيع أن يمر يوم ما دونهم ، تشعر بأنك بحاجة ماسة إليهم ، هذه النقطة بالذات هي السجن الذي سيحول بينك وبين حريتك .
التعلق بالأماكن حينما تتعلق بمكان أنت تسكن فيه ولا تريد أن تغادره بسبب أنك قد ازددت فيه أو قد وجدت عائلتك قد ولدوا فيه ، مما يمنعك من التحول والإنتقال إلى أماكن أخرى
كيف تتحر من التعلق والإرتباط :
– راقب عقلك : راقب الأفكار التي دائما تكررها في عقلك ، وراقب مشاعرك حينما تتذكرها ، هل تشعر بالحنين ، الإشتياق ، الحب ، الغضب ، العداوة والكراهية
– أقنع نفسك أنه ليس جزئا منك ، يمكنك العيش بدونه
– اسأل نفسك ما هو أسوء شيء قد يحصل لو تركته ؟
– اغلق عينك وتخيل أنك تصبح كبيراً في الحجم ، تكبر شيئا فشيئا حتى تصبح كبيراً جدا ، وتخيل ذلك الشيء يصغر ويصغر ويصغر حتى يصبح صغيراً ، وقيمتك أصبحت أكبر من هذا الشيء
– تخيل أنك قد ودعته وتركته في أمان ، وودعته للأبد وتعده أنك ستعيش بشكل أفضل من دونه
– تخيل أن حياتك تمشي بشكل عادي جداً وبشكل أفضل بدونه
– طبق ، وابدأ الآن
وأختم كلامي بهذه المقولة ” كن منفتحاً لكل شيء ، ولا تتعلق بأي شيء ” .